مرحله الأعمال التحضيرية والمحاولة

مرحلة الأعمال التحضيرية والمحاولة:

في هذه المرحلة يكون الجاني قد تجاوز مرحلة التفكير والعزم، فاختمرت فكرة الجريمة في رأسه وراح يعد لها عدتها.  بحيث يخرج فيها الجاني من المرحلة النفسية إلى العالم الخارجي بأفعال مادية ملموسة، فهي لاحقة على التصميم ولكنها سابقة على التنفيذ، فهذه المرحلة تشمل كل أعمال التجهيز، أي كل الأعمال الخارجية التي يتجه بها المتهم إلى تحقيق مشروعه الإجرامي، وقد يتخذ الإعداد للجريمة صورة إعداد الوسيلة أو التواجد في المكان الذي يمكن معه تنفيذ الجريمة. ولا أدل على ذلك مثل أن يشتري الجاني سلاحًا أو المادة السامة.

وقد حكم بأن “تحرير الشيك وتوقيعه مجرد أعمال تحضيرية لجريمة إعطاء شيك بدون رصيد” نقض 22/11/1960 مجموعة أحكام محكمة النقض س11، ص811، رقم 175. وعلى الرغم من أن الصفة الإجرامية في هذه المرحلة أوضح منها في مرحلة العزم والتصميم، فمرحلة التصميم تبدي معنى التهديد باعتداء بعيد عن الأمن الاجتماعي، والأعمال التحضيرية تبدي هذا التهديد بشكل أكبر، ألا أن المشرع قد صرح بعدم العقاب عليها، وقصر الشروع على مرحلة البدء في التنفيذ، إذ لو قيل بالعقاب على مثل هذه الأفعال لما فكر مرتكبها في العدول عن تنفيذ الجريمة التي أعد لها، ألا أنه هناك مرحلة وسطة بين الأعمال التحضيرية والبدء في التنفيذ تسمى (المحاولة) وقد عرفتها محكمة النقض فقالت “أن المحاولة هي دون الشروع من الأعمال التي يقصد بها الوصول إلى الجريمة وأن لم تصل إلى البدء في التنفيذ” نقض 21/12/1959، مجموعة أحكام النقض، س10، ص 1029.

وقد ورد النص على عقاب المحاولة في قانون العقوبات، مثال المادة 87/1 ” …كل من حاول بالقوة قلب أو تغيير دستور الدولة أو نظامها الجمهوري…” كما تنص المادة 90 مكررا/1 “…كل من حاول بالقوة احتلال شيء من المباني العامة…”، علاوة على نص المادة 115 عقوبات ” كل موظف عام حصل أو حاول أن يحصل لنفسه أو حصل أو حاول أن يحصل لغيره…”، علاوة على نص المادة الثانية من قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة   2015 ” ….وكذلك كل سلوك يرتكب بقصد تحقيق أحد الأغراض المبينة بالفقرة الأولى من هذه المادة، أو (الإعداد لها) أو التحريض عليها…” هنا الجريمة تامة بمجرد الإعداد، بمعنى التحضير لها، فضلًا عما ورد في ذلك في بعض القوانين الخاصة. وتصدق هنا أيضًا ذات الملاحظة التي سبق إبداؤها بالنسبة لمرحلة التفكير وعقد العزم، وهي أن المشرع حين يجرم هذه الأفعال لا يجرمها بحسبانها تحضيرًا للجريمة ولكن لما أنبأت عنه وكشفت من خطورة ذاتية تستوجب تصدي المشرع لها بالتجريم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top
Call Now Button